هناك فوق الغيوم، كانت تعيش فتاة صغيرة جدا طولها لا يزيد على عشرة سنتمترات وكان اسمها وحيدة. وقد أطلقت عليها الغيمات هذا الاسم لأنها لا تشبه أحدا من سكان السحاب فهي مثل البشر لكنها تكاد لا ترى، وتتكلم مثلهم لكن صوتها يكاد لا يسمع.
وفي يوم من الأيام، أحبت وحيدة أن تنزل إلى الأرض لترى كيف يعيش الناس هناك، وضبت أغراضها في حقيبة مصنوعة من قطعة سحاب أهدتها إياها الريح جارتها، واستعدت للرحيل، لكنها فوجئت بصديقتها الغيمة “ممطرة” تقول لها:
- إلى أين أنت ذاهبة يا وحيدة؟
- سوف أنزل إلى الأرض.
- وماذا ستفعلين تحت؟
- أريد أن أرى الناس عن قرب، فنحن نراهم من فوق لكننا لا نعرف كيف يتصرفون.
- ولكنك صغيرة جدا ويمكن أن تضيعي بين الناس فهم عمالقة.
- لكنني أراهم من فوق الغيم صغارا جدا.
- هكذا يبدون لك لأن المسافة بينك وبينهم كبيرة، لكنهم في الحقيقة أكبر منك بكثير.
وبالرغم من محاولة الغيمة “ممطرة” إقناع وحيدة ظلت الفتاة مصرة على النزول إلى الأرض.
وبعد دقائق، كانت وحيدة تتجه مع صديقتها الريح نحو الأرض. وعندما وصلت وحيدة ودعتها الريح وذهبت بعيدا.
وعلى سطح الأرض، شعرت وحيدة بأنها في مكان غريب، ورأت كل شيء كبير حولها، فالناس والسيارات والمنازل والمحلات التي كانت تراها صغيرة من فوق بدت كبيرة وعملاقة.
احتارت وحيدة في أمرها ولم تعرف ما تفعل. وبينما كانت تفكر في حل، رأت أمامها جسما ضخما يكاد يسحقها.
خافت وحيدة وتراجعت إلى الوراء، ثم راحت تنظر إلى ذلك الجسم الكبير فعرفت أنه قدم إنسان.
راحت وحيدة تحملق بصاحب القدم فوجدت أنه طفل لكنه من أولئك العمالقة الذين يعيشون على الأرض.
- السلام عليكم، قالت وحيدة بصوتها الضعيف.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. رد الطفل على وحيدة. ثم راح ينظر حوله ليرى الشخص الذي ألقى عليه السلام.
وعندما لم ير الصبي أحدا، تابع سيره وكاد يحطم وحيدة بقدميه.
ركضت وحيدة أمام الصبي وراحت تصرخ قائلة:
- أرجوك، انتبه سوف تقتلني.
نظر الصبي إلى الأرض فرأى فتاة صغيرة جدا. انحنى كثيرا وراح يحملق بذلك المخلوق العجيب ثم قال لها:
- من أنت؟ ومن أي بلاد أتيت؟ ولماذا أنت صغيرة إلى هذه الدرجة؟
- اصبر قليلا وسوف أروي لك قصتي.
قالت وحيدة: عندما فتحت عيني على الدنيا وجدت نفسي فوق السحاب لا أم لي ولا أب، بحثت كثيرا عن أي مخلوق يشبهني فلم أجد أحدا بحجمي...
كان الصبي يصغي إلى وحيدة لكنه كان يجد صعوبة في سماع صوتها فقال لها:
ما رأيك لو أحملك على كفي كي أتمكن من سماع صوتك بوضوح؟
يمكنك أن تفعل ذلك. قالت وحيدة قبل أن تتابع:
لكن بالله عليك لا تشد على جسمي كي لا تتحطم ضلوعي.
حاضر أيتها الصغيرة. لكن.. ما اسمك؟
أطلقت علي الغيمات والريح اسم وحيدة لأن لا أحد يشبهني فوق.
أهلا يا وحيدة، سوف أكون رفيقا بك ولن أؤذيك. على فكرة أنا اسمي حسن.
أهلا ياحسن، لقد ارتحت إليك.
وأنا أيضا يا وحيدة.
مشى حسن وعلى كفه وحيدة تحدثه بمغامراتها فوق السحاب وهو يستمع إليها ويضحك.
ومر بالقرب من حسن صبية فظنوا انه مجنون يحدث نفسه. وقال أحدهم:
انظروا هذا المجنون إنه يتكلم مع كفه!
أنا لست مجنونا أجاب حسن وأراد أن يري الصبية وحيدة فوقعت من يده على الأرض وغابت عن الوعي.
ومن بعيد كانت الريح تراقب المشهد فركضت بسرعة قبل أن يسحق الأولاد صديقتها الصغيرة بأقدامهم وحملتها معها إلى فوق.
نظر الأولاد إلى بعضهم ثم تركوا حسن وذهبوا.أما وحيدة فقد صارت فوق الغيوم حيث قدمت لها الغيمة “ممطرة” بضع نقاط من الماء ففتحت عينيها.
وقالت وحيدة للغيمة ممطرة:
معك حق يا عزيزتي كدت اسحق بالأقدام على الأرض، سوف أبقى في مكاني فهذا أفضل.
موضوع: وحيدة فوق الغيوم 
